حب وحرب
ماهر المقوسي
من أين تبدأ يا حبيبة قصة الحزن الدفينْ
حيث التقينا ألف عامٍ
وانتهينا من حنين
طللاً بكينا وارتوت منا الدروبُ
صار عشب الأرض أحضاناً تذوبُ
صار هذا الليل ثوباً
-لفّ أنفاساً- يطرزهالأنينْ
وأنا الوحيد على الرصيفْ
في غربةٍ لفظت مواسمها سؤالي
والغبار قد استباح الدمع
وانتعل النزيفْ
من أين تأتي خلسةً كل البلادْ
يعلو الصهيل بأضلعي
ويذوب كفي في المدادْ
وأنا أسيِّج في المدى مأوىً
بحجم القلبِ
يحتضن الرسائل والحمامْ
لا شيء
يقرئني السلامْ
o من حيث جاء البرقوانتبه الظلامْ
ما كان سهواً يومنا
ما كان سهواً
في الغمامْ
وأنا أمدّ القلب مشكاةً لترسمنا القصيدةْ
يا أيها الحب الموزع بين أعتاب الحروب
وبين أروقة المساءات البعيدة
اِحضنيني قلتَ فانقضّ الجنودُ
وأغلقوا درب المسيحِ
مضرّجاً بالسهد كنتَ وكنتُ أهمس للندى:
هذا حبيبي
مثل بدرٍ قد بدا
آهٍ حبيبي.. كم يناديك الصدى
وأنا أربّي الحلم نقشاً في الهديلِ
يفور دمعي من لهيب الاشتياقْ
آهٍ حبيبي
غايةُ الموت الفراقْ
- أوتذكرين الحب ينموفي الزقاقْ
كنا هناك نمدّ كفينا فندخل في رحيق الياسمينْ
والحب ينمو مثل نور الفجر،
يهدي للعصافير الشريدة
دفء أنفاسٍ
وأعناباً وتينْ
أوتذكرينْ
حين الأغاني أثملتنا .. حين أرجحنا الوترْ
بللٌ على الشباك داعبنا
فألهمنا الصعودَ إلى الغيوم على المطرْ
كم أنتِ كنتِ أنا
وكان الليل وشوشة الطبيعة كي يدثرنا المدى
جسمين صرنا يا حبيبة كل جسمٍ في بلدْ
جسدين صرنا يا حبيبة
والعَواء يصمني
والريح تنهش في الجسدْ.
O كم يا حبيبي باحةًالدار الحزينة
تشتهي أن تسمعكْ
ذاك الزقاق ... تَردُّد الأنفاس فيهِ
غصةًً مع كل فجرٍ ضيّعكْ
صارت رسائلنا مسيرةَ ياسمينٍ يحترقْ
صرنا التلاشي في شظايانا
نفتش عن دليلٍ للنهارْ
كم كنتُ وحدكَ في اختناقات البذارْ
والليلُ كان يَعدُّ
للغربان من دمنا حَساءْ
والأرض تجهش بالدماءِ
وقاذفات الموت تصنع في مرايا الجندِ
من قصف الورودِ
هديةً أخرى وإكليلاً من الغار المعبقِ
كنتَ وحدي رعشة الأسماء في جرح الكلامِ
وفي خطوط الكفِّ تحمل فوق ظهرك
صخرَ أحقاب المجازرِ
في جراح الكفِّ أملاحٌ ونارْ.
صُلبَ الغرام مضرّجاً بالحزن
ما بين الرسائلِ والختامِ
ولم يزل يصطكّ في دمه الرصاصُ..
ولم تزل تغشى الخرابَ قوافلٌ ترثي مداها
ثم تمضي
في خرير البعدِ تستجدي خُطاها..
مَن تُراه يلمّ دمَّ العاشقين
ويقتفي أثر المدى المسلوب
في أقصى حدود الجُرح.. مَنْ؟
من يحتفي بالريح حين تشدّ أرصفةٌٌ سماها؟
من يدل الغائبين على طريق القلب
تنبثق المدائن من رحاها؟
تنشر الذكرى معالمها وأسئلةً بحجم الروح
مثل القلب
تكبُر في ثراها.
مَنْ ومَنْ؟