
لَيلُ العَناكِبِ
د. محمد أحمد الأسطل
وَشْمٌ يَغْفُو عَلى جِذْعِ الكَرَزِ
تَرَدُّدُ الشَّوْقِ يَختَبِىءُ فِي عِبءِ المُقَلِ
كُلَّما تَحَرَكَ السُكُونُ ؛
تأَوَّهَ فَتِيلُ المِصْباحِ !
أتَسْمَعْ مِثلِي ؟
إِذاً : تَرَجَلْ مِن أسْفَلِ أذُنَيكَ ! ,
واعطِنِي عَينَيكَ لأُزَحزِحَ النافِذَةَ قَلِيلاً !
أشكُرَك !
أُرِيدُ أنْ أنحَتَكَ نَهراً فِي ذَاكِرَتِي
أيُّها الجُرفُ : تَدَفَّق خارِجَ اللَّحظَةِ !
الدَوْسَرُ يُسرِجُ صَهوَةَ النَّشْـوَةِ
يَتَسَاقَطُ جُمُوحُ اللَّيْـلِ , ..
وظِلُّ الأَرِيكَةِ يَتَصَدَعُ ..
أكثَر !
مَسَاحَاتُ المَسَّاءِ مَا عَادَّتْ تَتَّسِعُ ..
إلا لِنَظرَتَينِ , ..
وقِطْعَةِ سُكَّرٍ !
قَـنَّاصٌ رَحِيمٌ يُرَّوِضُ الجَمَالَ , ..
وإغْماضَةُ الشُرُودِ تَهمِسُ :
مَطَرٌ
مَطَرٌ
يَتلُوهُ جَوفُ غَدِيرٍ
يَتَلَاشَى سِفْرُ التَّكوِينِ فِي رَجفَةِ الغَيْمَةِ
أيُّها الغِناءُ : كُنْ هَواءً ,
كُنْ عُشْباً ,
وتَجَدَّلْ !!
تُخُومُ الأَقرَاطِ تَحْقِنُ القَلْبَ بِرَائِحَةِ الجَسَّدِ
قَلَقُ النَبضِ يَفِرُّ مِن جِلدِهِ
اِسْتَطالَ وَجهُها وَقالتْ :
أَنزِل الشَّمْسَ مِن اللوحَةِ , ..
وَدَثِّر حَبلَ الغَسِيلِ ..
فِي حَنجَرَتِي
الـسَّنا يَفتَحُ الأَقواسَ ,
والتَّوَهُّجُ يَسْتَدِيرُ بِزَخاتِ الحَنِينِ
الخَدَرُ يَعطَشُ
تَتَشَقَقُ الرَّبْوَةُ , ..
وتَتَبَعْثَر !
تَحْلِيقُ الفَرَاشِ مَشْرُوعُ نَزْفٍ
مَن أوقَدَ صَهَدِي فِي دِفءِ الوَرِيدِ ؟!
يا أيُّها الشَّجَرُ انتَبِه ! , ..
قَد جاءَكَ الحَفِيفُ ..
ليَخلَعَ الـحَياءَ مِن مُقلَتَيكَ !
شَهَقَاتُ أيلُولٍ "سمفونية" رِيفٍ
الأَنْفاسُ تَتُوهُ فِي شَرانِقِ الصَّخَبِ
احْتَطِبُ الأَشْواقَ لأُشْعِلَكَ
مَن يُطفِـىءُ النارَ بَعدَكَ؟!
دَعْ رُوحَكَ تَندَلِقُ فِي رأسِي
لا تَفاوُض مَع تَعَرُّجاتِ الوَقْتِ
أُقاطِعُ وُلُوجَ التَّرَيُّثِ مَرَتَين
ما زَالَت فِي جَيْبِ العَنْكَبُوتِ رَشفَـةُ إجَّاصٍ !
الصَّاعِقُ يَتَدَحْرَجُ وَسَطَ الزِحامِ
مَلَامِحُ عُبُوَةٍ ناسِفَةٍ تَنفَجِرُ
يَتَكَسَرُ الضُّوءُ شَظايا
البَرقُ يَتَدَفَّقُ فِيكَ طائِشاً ,
والسَّماءُ خَيمَةُ هُيامٍ
يَنُوسُ البَنَفْسَجُ بِفَمِ الشَّفَقِ
الكَشْماءُ تَلتَقِطُ أنْفاسَكَ فِي الأعالِي !
أَخافُ عَليكَ من طَيشِ الـمَسافَةِ
لا تَتَعَرَّق أكثَر !
مِنْدِيلُ الفَجْرِ يَمْحُو عَنكَ ..
فُلُولَ العَتَمَةِ !
العَرَنْدَسُ يَنْهَشُ مِن رِئَـةِ التُّفاحِ , ..
ورَعْشَّةُ القِنْدِيلِ تَعُودُ لِتَحْرُثَ الثـُّلُوجَ
سَيِّدِي :
الصَّباحُ الباكِرُ لَمْ يَنْهَضْ بَعْد !